منذ تسلّم الرئيس أحمد الشرع زمام السلطة في سوريا، تشهد البلاد تحولًا تدريجيًا في نهجها السياسي والاقتصادي، يهدف إلى وضع أسس حقيقية لمرحلة إعادة الإعمار، وتحقيق الانفتاح على العالم، واستعادة موقع سوريا كلاعب فاعل في الإقليم. فقد جاء تشكيل الحكومة الجديدة محمّلًا بتطلعات شعبية كبيرة، ترتكز على الأمل في الخروج من سنوات الأزمات المتراكمة، والانطلاق نحو استقرار شامل وتنمية مستدامة.
سياسة داخلية متزنة… وإدارة رشيدة
يتميّز نهج الرئيس أحمد الشرع بتركيزه على العمل المؤسساتي، وتفعيل مبدأ الشفافية والمحاسبة في إدارة الشأن العام. وقد أعطى إشارات واضحة على سعيه لتقليص البيروقراطية، وتوسيع صلاحيات الإدارات المحلية، بما يضمن مشاركة مجتمعية أوسع في صنع القرار. كما أن التوجه إلى إطلاق حوارات وطنية شاملة مع مختلف القوى السياسية والاجتماعية، يعكس حرص القيادة الجديدة على تكريس التعددية وبناء عقد اجتماعي أكثر توازنًا وعدلًا.
خطوات جادّة نحو رفع العقوبات
على الصعيد الدولي، أبدت الحكومة الجديدة انفتاحًا غير مسبوق على التعاون مع الأطراف الإقليمية والدولية. وقد شرعت بالفعل في اتخاذ إجراءات سياسية واقتصادية تهدف إلى تهيئة بيئة تسمح بمراجعة نظام العقوبات المفروضة على سوريا. وفي هذا السياق، جاء تشكيل لجنة مختصة للتواصل مع المجتمع الدولي، وطرح مبادرات دبلوماسية تهدف إلى بناء الثقة، وإعادة تعريف دور سوريا كدولة مستقلة تسعى إلى الاستقرار والانفتاح، لا الصدام والانغلاق.
الاستثمار بوابة الاقتصاد الجديد
تضع الحكومة السورية الجديدة ملف الاستثمارات الدولية في مقدمة أولوياتها الاقتصادية، باعتباره حجر الأساس لإعادة بناء البنية التحتية وإنعاش القطاعات الحيوية. وقد تم إعداد مجموعة من القوانين الجديدة التي تضمن الحماية القانونية والتسهيلات الإجرائية للمستثمرين، بما في ذلك إنشاء “الهيئة العليا للاستثمار”، التي تتولى التنسيق مع المستثمرين الأجانب وتقديم الضمانات الكافية لتشجيع رؤوس الأموال.
ولعلّ الاستقرار الأمني النسبي، إضافة إلى الانفتاح السياسي، يمثلان عنصرين حاسمين في جذب الشركات الكبرى للدخول إلى السوق السورية من جديد، لا سيما في مجالات الطاقة، والإعمار، والخدمات التقنية.
نحو سوريا المستقبل
يبدو أن القيادة الجديدة، برئاسة الرئيس أحمد الشرع، تدرك حجم التحديات التي تواجهها، لكنها في الوقت ذاته تراهن على قدرة السوريين على تجاوز المحن، والبدء ببناء نموذج جديد من الدولة، قوامه الكفاءة، والانفتاح، والتعددية. وفي الوقت الذي لا تزال فيه الطريق طويلة ومعقدة، فإن المؤشرات الأولية تعكس توجهًا جديًا نحو التغيير، وإعادة التموضع الإقليمي والدولي، وفق رؤية توازن بين المصلحة الوطنية والواقعية السياسية.
إن نجاح هذه التجربة سيتوقف على مدى التزام الحكومة بالإصلاح الحقيقي، ومدى استجابة المجتمع الدولي لرسائل الانفتاح والمصالحة، التي تبعث بها دمشق الجديدة إلى العالم
مركز شام الإعلامي